وقال عكرمة: {فِي السَّاجِدِينَ}: في أصلاب الرجال (١).
وعن ابن عباس {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} نبيٍّ بعد نبيٍّ (٢).
وقال القشيري: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}؛ أي: انقطِعْ إلينا، واعتصِمْ بنا، وتوسَّل بنا إلينا، وكن بنا، وإذا قلتَ فقل بنا، وتحقَّق بنا ولنا.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ} تجد العزة فإن العزيز مَن ورثق بالعزيز {الرَّحِيمِ} الذي يقرِّب مَن تقرَّب إليه، ويُجْزِل البِرَّ لمن توسَّل به إليه.
وقوله تعالى: {يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} اقتطعه بهذا عن شهود الخلق، فإنه مَن علِم أنه بمشهدٍ من الحق انقطع بالكلِّية (٣) عن شهود الخلق.
وقوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} هوَّنَ عليه معاناةَ مشاقِّ العبادات حين أخبر برؤيته له (٤)، ولا مشقَّةَ على مَن يعلم أنه يعمل بمرأًى من مولاه.
وقيل: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} من أصحابك، فهم نجومٌ وأنت بدر، وهم بدورٌ وأنت شمسٌ، وهم شموسٌ وأنت للشموس شمس (٥).
* * *
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٨٢٨)، والثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٨٤)، من طريق عطاء عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: ما زال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتقلب في أصلاب الأنبياء حتى ولدته أمّه.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٨٢٨)، والثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٨٤)، من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) "بالكلية" ليست في (ف).
(٤) في (أ): "إياه"، وليست الكلمة في "اللطائف".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٢٠ - ٢١).