(٢ - ٣) - {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}.
قوله تعالى: {هُدًى وَبُشْرَى}: قال الفرَّاء: يجوز أن يكون نصبًا على القطع، ورفعًا على الاستئناف (١) على تقدير: هو هدًى وبشرى.
{لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}: خصَّهم بإضافة الهدى والبشرى إليهم؛ لحصول نفع ذلك لهم على ما مر شرحه في أول سورة البقرة.
وإذا أيقنوا بالآخرة كانوا مشفقين من التقصير؛ كما قال: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} المؤمنون: ٦٠، وكذلك إذا أيقنوا بالجزاء كانوا أنشطَ في الطاعة وأحرصَ عليها؛ كما قال تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} الأنبياء: ٩٠.
* * *
(٤) - {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}: ذكر الذين لا يؤمنون بالآخرة بعدما ذكر المؤمنين بها، وذكر صفتهم فقال: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: الأعمالَ التي يعملونها بما ركَّبنا فيهم من الشهوات والأماني حتى رأوا ذلك حسنًا؛ كما قال: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} فاطر: ٨، وهو كالختم والطبع، وفيه إثبات خلقِ اللَّه تعالى أفعالَ العباد.
وفي قوله في أول الآية: {لَا يُؤْمِنُونَ} وفي آخرها: {فَهُمْ يَعْمَهُونَ} إثبات الأفعال، وثبت بذلك صحة مذهب أهل السنة والجماعة.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٨٦).