عنهم العذابَ في الآخرة حُسنُ رجائهم باللَّه، ثم تضرُّعهم إلى اللَّه، ثم فضلُ اللَّه معهم بالتخفيف، ثم تغييبُه إياهم عن الإحساس به حالةَ التعذيب (١).
* * *
(٦ - ٧) - {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ}: أي: لتُلقَّنُه وتُعلَّمُه (٢) {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ}؛ أي: من عند اللَّه الذي هو مصيب في أفعاله وأقواله {عَلِيمٍ} بكلِّ شيء وأحواله.
وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى}: أي: واذكر إذ قال موسى {لِأَهْلِهِ}: لزوجته وولده ومَن كان معه في سفره إذ خرج من مدينَ يقصد الشام:
{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا}: أي: أبصرتُ؛ أي: امكثوا هاهنا وأنا أذهب إليها.
{سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ}: أي: بدلالةٍ على الطريق؛ كما قال: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} طه: ١٠، وكان ضلَّ الطريق مع وجود البرد.
{أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ}: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: {بِشِهَابٍ} منوَّنًا غيرَ مضاف (٣)، والشهاب: الشُّعلة، والقبس: ما اقتُبس من نارٍ كثيرةٍ على طرفِ خشبة، والتنوين على أن الثانيَ بدل وترجمة عن الأول، وتركُ التنوين على الإضافة، وهو قد يكون إضافةَ الشيء إلى نفسه، كـ {حَبْلِ الْوَرِيدِ} ق: ١٦، و {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} ق: ٩،
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٢٤).
(٢) في (ر) و (ف): "تلقنه وتعلم".
(٣) وقرأ باقي السبعة بغير تنوين. انظر: "السبعة" (ص: ٤٧٨)، و"التيسير" (ص: ١٦٧).