بالمدينة سورًا لارتفاعه، ويقال: لفلانٍ سَوْرةٌ في المجد؛ أي: سَنًا ورفعةٌ، قال النابغة:
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أعطاكَ سُوْرةً... يُرى كلُّ مَلْكٍ دونها يتذبذبُ (١)
فالسُّورة من (٢) القرآن على هذا: مجموع آياتٍ مفصَّلةٍ ارتفعت وعلَت وظهرت وصارت كالعَلَم في مغايرتها سائرَ السُّور.
وقيل: هي منزلةٌ من منازل القرآن رفيعةٌ.
وقيل: هو (٣) قسمٌ من أقسام القرآن ارتفع شأنُه وعلا قَدْرُه.
وقوله: {بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} إطلاقُه يتناول أقصرَ السور، وهي في القرآن سورةُ الكوثر، وهي ثلاثُ آياتٍ قصارٍ، وهذا أبلغُ إلزامٍ، وأتمُّ قطعٍ لأهل الخصام، فقد كان التحدِّي أولًا بالإتيان بمثلِ كلِّ القرآن بقوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} الطور: ٣٤، ثم أخبر عن عجزهم عن ذلك بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء: ٨٨، ثم بعشرِ سورٍ بقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} هود: ١٣، ثم بسورةٍ بقوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}، وقد عجزوا عن ذلك كلِّه فلزمتهم الحجة.
وقوله تعالى: {مِنْ مِثْلِهِ}: المِثْل: الشِّبْه، والمُماثِل: المُشابه، والتمثيل: التشبيه، ومِثْلُ الشيء حقيقةً: ما ينوب مَنابه، ويَسدُّ مَسدَّه.
واختُلف في المراد بالهاء التي في آخره: أنها كنايةٌ راجعةٌ إلى ماذا؟
(١) انظر: "ديوان النابغة" (ص: ١٩).
(٢) في (أ) و (ف): "في".
(٣) في (أ): "هي".