{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ}: قادرون على القتال إن احتيج إليه؛ لوفور عَدَدِنا وعُدَدِنا {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ} في الانقياد لصاحب الكتاب أو محاربته {فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} به من الأمرين، فلا نكلِّفك ما لا تريدين ولا نخالفك فيما تأمرين.
قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً}: أي: استولَوا على مدينةٍ بالقهر (١) {أَفْسَدُوهَا} وسعَوا فيها بالفساد والتخريب ليزول تحرُّز (٢) أهلها بها {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} بسلبِ نعمهم وأموالهم وأعوانهم {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}؛ أي: سليمانُ وقومه بكم إن دخلوا مدينتكم، فكان أولُ الآية على عموم الملوك وآخرُ الآية على خصوص هؤلاء.
وقيل: هذا قول اللَّه {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}؛ أي: كذلك تفعل الملوك كما قالت هي.
* * *
(٣٥) - {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}.
قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}: أي: من رأيي أن لا أعجل بالقتال الذي قد يكون علينا، ولكنْ أتعرفُ الحال، فأُرسل هديةً فأنظرُ ما يكون منهم، وبماذا يرجعون من عندهم رسلي؟ فإن رجعوا بردِّ الهدية فالقوم طالِبو دِينٍ لا يكفُّهم عنا إلا الاتِّباع، ولا طاقةَ لنا بقتالهم.
وقال الفراء: ذكروا أنها أرسلت واحدًا، ولذلك قال بعده: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ}، وقال: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} (٣).
(١) "بالقهر" من (أ).
(٢) في (أ): "لنزوله عذر"، وفي (ف): "لنزول تحرز"، وفي (ر): "ليزول تحرر"، والصواب المثبت.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٩٣).