وقيل: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعلى هذا أمَره بالحمد على إعطاء الرسالة، والسلامِ على الصحابة، ثم علمه محاجة المشركين فقال:
{آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}: استفهامٌ للتقرير؛ أي: آللَّه القادر على الإهلاك والإنجاء وعلى كلِّ شيء خيرٌ، أم الأصنام التي تشركونها باللَّه وهي عاجزة جماد؛ أي: بل (١) اللَّه هو المستحق للعبادة دونها.
* * *
(٦٠) - {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.
وقوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: له وجهان:
أحدهما: ابتداء سؤال على معنى التقرير؛ كما في قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ} فإنهم إذا سئلوا عن هذا اعترفوا فلزمهم (٢) وجوب العبادة له دون غيره.
والثاني: بإضمار آخر الآية الأولى: أمَا تشركون خير أمَّن خلق السماوات والأرض.
{فَأَنْبَتْنَا بِهِ}: صرف الكلام عن المغايبة وهو قوله: {وَأَنْزَلَ} إلى الإخبار عن نفسه، وهو قوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا}، وهو من أقسام البلاغة.
{حَدَائِقَ}: بساتين {ذَاتَ بَهْجَةٍ}: أي: حُسن وزينة.
قوله تعالى: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا}: أي: ليس من صفتكم القدرةُ على إنباتها.
(١) في (أ): "قل".
(٢) في (ر): "بلزمهم"، وفي (ف): "يلزمهم".