قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}: له وجهان أيضًا كما مر.
{وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ}: أي: ساكنيها بعد ذهاب السَّلَف، وكانوا مُقِرِّين بذلك كلِّه، فكانوا إذا اضطُروا وأصابهم سوءٌ لا يفزعون في إزالة ذلك إلا إليه.
وقال القشيري: الإجابة بالقول وكشف السوء بالطَّول، الإجابة بالكلام والكشف بالإنعام، وما دام العبد يتوهَّم من نفسه شيئًا من الحول والقوة، أو شيئًا (١) من الأسباب يعتمد عليه أو يستند إليه، فليس بمضطرٍّ، إلى أن يرى نفسه كالغريق في البحر، والضالةِ في المتاهة، والميتِ في يد الغاسل، لا يرى لنفسه استحقاقًا للإجابة (٢).
قوله تعالى: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ}: فسَّرناه {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}؛ أي: ما يتَّعظون بمواعظ اللَّه.
* * *
(٦٣) - {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
قوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ}: أي: يرشدكم {فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} للطرق إلى المقاصد، وله وجهان كما مر.
ومعناه: هو الذي يهديكم إليها بالنجوم والعلامات المجعولة لها والاستدلال بالدلائل.
قوله: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}: بينَّا معناه والقراءةَ فيه في سورة الفرقان.
(١) في (أ): "سببًا"، والمثبت من باقي النسخ، ومثله في مطبوع "اللطائف".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٤٤ - ٤٥)، وما بين معكوفتين منه.