{إِنْ تُسْمِعُ}: أي: ما تُسمع {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا}: يصدِّق بها {فَهُمْ مُسْلِمُونَ}: منقادون للحق، فالميت هو الكافر، والأصم والأعمى: هو المعرِض عن رؤية الحق وسماعِه.
وليس في وسع النبي عليه السلام هدايةُ الكافر، وهو إثبات فعل الاهتداء له، واللَّه تعالى هو معطي الاهتداءِ وموصلُ العبدِ إلى سماع الحق ورؤيته، وإنما يعطيه مَن عَلِم منه اختيارَ الحق، فأما مَن علم منه اختيارَه الباطل فإنه يخذله ويدَعه وما يختاره.
* * *
(٨٢) - {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ}: أي: وجب العقابُ عليهم ونزولُ العذابِ الموعودِ بهم، ومعناه: قرُب قيامُ الساعة، وظهرت الأيام التي لا يُقبل معها الإيمان؛ كما قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الأنعام: ١٥٨.
{أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ}: علَمًا من أعلام الساعة {تُكَلِّمُهُمْ}؛ أي: تخبرهم وتقول: {إن الناس} على قراءة الكسر، ومَن فتَح فعلى وقوع الفعل عليه (١).
{كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ}: أي: الكفار الذين حقَّ عليهم القول كانوا بآياتنا لا يصدِّقون ويشكُّون، فقد أتى ما أزال الشكوك عنهم، وأَشرفوا على العقاب الذي كانوا يُوعدون.
وقال مقاتل: {مِنَ الْأَرْضِ}؛ أي: من أرض مكة، وهي دابة لها زغبٌ وريشٌ وجَناح (٢).
(١) قرأ الكوفيون بفتح الهمزة والباقون بكسرها. انظر: "السبعة" (ص: ٤٨٦ - ٤٨٧)، و"التيسير" (ص: ١٦٩).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٣١٧).