وفي تفسير ابن حبيب: يُنفخ ثلاث نفخات: الأولى نفخةُ الفزع، ثم بعده بأربعين يومًا نفخةُ الصَّعق، ثم نفخة البعث.
وقال: {فَفَزِعَ} بعد قوله: {يُنْفَخُ}، والأول مستقبل وهذا ماضي لأن تقديره: فإذا نفخ في الصور.
{إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}: هم الشهداء لأنهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون.
وقيل: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل.
وقيل: هو إدريس النبيُّ عليه السلام.
وقيل: هم الحور العين في الجنة، وخزَنتُها وخزنةُ أهل النار في النار.
وقيل: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ}: هو يومُ القيامة، وهي النفخة الثانية، وقوله: {فَفَزِعَ} هو من هيبتهم من أهوالها، كما قال: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} الآية الحج: ٢ {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} هم المؤمنون المطيعون؛ كما قال في آخر هذه السورة: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}.
وقيل: هم الشهداء.
وفي "تأويلات" الإمام أبي منصور عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أعطي آدميٌّ بعد النبوة أفضلَ من الشهادة، لا يسمع الشهداء الفزعَ يوم القيامة إلا كرجلٍ قال لصاحبه: أتسمع؟ قال: أسمع كتأذين الصلاة" (١).
وقوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ}: قرأ حمزة وعاصمٌ في رواية حفصٍ مقصورًا على أنه فعل، والباقون ممدودًا على أنه نعتُ الفاعل (٢)، وإنما جمع لأنه أراد به الجمع.
(١) في (ف): "وتأويلات أهل السنة" (٨/ ١٤١).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٨٧)، و"التيسير" (ص: ١٦٩).