وقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}: قرأ حمزة والكسائي وعاصم {مِنْ فَزَعٍ} بالتنوين {يَوْمَئِذٍ} بفتح الميم، وقرأ الباقون بغيرِ التنوين وخفضِ الميم على الإضافة (١).
وهذا الوعدُ في حقِّ المؤمن المطيع على الإطلاق، وفي حقِّ المؤمن العاصي: هو الأمن من الفزع الأكبر، وهو نداء القطيعة والإخبارُ بالتخليد في النار.
* * *
(٩٠ - ٩١) - {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ}: أي: بالشرك {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} وهو كقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} القمر: ٤٨.
{هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: أي: تقول لهم الملائكة يومئذ هذا.
وقيل: هو خطاب اللَّه لهم في الدنيا؛ أي: هل تُجزون يومئذ إلا على وَفق عملكم.
قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ}: أي: قل يا محمد: إنما أمرني اللَّه {أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ}؛ أي: مالكَ هذه البلدة، وهي مكةُ التي بها تفخَر العرب على سائر الناس، وبها يسمَّون أهلَ اللَّه وسكانَ بيته، فأنتم أولى بموافقته على ذلك.
وقوله: {الَّذِي}: صفة الرب {حَرَّمَهَا}: جعل لها حرمةً {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ}: هو مالك كلِّ شيء غيرِ البلدة، فإنه مالك الدنيا والآخرة وربُّ العالمين.
{وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}: المنقادين له والمتديِّنين بدينه الحقِّ.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٤٨٧)، و"التيسير" (ص: ١٧٠). وقراءة نافع المشهورة عنه بفتح الميم في {يَوْمَئِذٍ}.