عليه انتقم اللَّه منه، فكذا العربُ مع قرب قرابتهم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا (١) كذَّبوه وآذَوه استحَقُّوا ذلك.
وقيل: مدارُ هذه السورة على الحثِّ والإصلاح في الأرض وتركِ العلوِّ والفساد فيها، فإنه قال في أولها: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} إلى قوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}. وقال في آخرها: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}.
* * *
(١ - ٣) - {طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {طسم} فسَّرناه {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} كذلك.
{نَتْلُو عَلَيْكَ}: أي: يقرأ عليك جبريل بأمرنا ووحينا {مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ}؛ أي: من خبرهما، و {مِن} للتبعيض، فإن المذكور هاهنا بعضُ خبرهما.
{بِالْحَقِّ}: أي: بالصدق.
{لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: أي: من أجلهم؛ ليَعْلموه وينتفِعوا به.
وقيل: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}؛ أي: لقوم همَّتُهم الإيمانُ والتصديق بما يتَّضح بيانه ليتدبَّروه فيعلموه.
وعلى الأول بشارةٌ وتعرفةٌ (٢) للَّذين قد آمنوا إذا تأمَّلوا في هذه القصة، وعلى الثاني تنبيه للَّذين همتُهم ذلك في المستقبل لتتَّضح لهم الحجة.
(١) في (ر): "لما".
(٢) في (أ): "وتعزية"، وفي (ف): "ومعرفة".