فولدت كلُّها بيضًا فحازها، وفي السنة الثالثة قال: كلُّ ولدٍ وُلد (١) له لونان سوادٌ وبياض فهو لك، فكان الكلُّ كذلك فحازها كلَّها، وعلم شعيب أن له عند اللَّه منزلة.
* * *
(٢٩) - {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ}: قيل: عشر سنين {وَسَارَ بِأَهْلِهِ}: وخرج بإذن شعيب مع امرأته وأولاده وعبيده يريد مصر وأخاه وأختَه وقرابتَه وهم بها.
{آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا}: أي: أَبصر نارًا {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا}؛ أي: الْبَتوا مكانكم {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} في الدلالة على الطريق {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ}؛ أي: قطعةٍ غليظة من الحطب فيها النار، وفيها ثلاث لغات: فتح الجيم وضمها وكسرها، والفتح قراءة عاصم، والضم قراءة حمزة، والكسر قراءة الباقين (٢).
وقال قتادة: الجذوة: الشعلة من النار (٣).
{لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}: أي: تستدفئون، وكانت ليلةً شاتيةً ذاتَ بردٍ ومطر.
(١) "ولد" ليست في (أ).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٩٣)، و"التيسير" (ص: ١٧١).
(٣) هذا القول رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٢١٢) عن معمر عن الكلبي، أما قتادة فقد روى عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٢١٣)، والطبري في "تفسيره" (١٨/ ٢٤٠)، عن معمر عنه أنه قال في معنى الجذوة: (أصل الشجرة في طرفها النار)، وروى الطبري نحوه من طريق سعيد عن قتادة، ثم روى عن معمر قال: (قال غير قتادة. . .) فذكر مثل رواية معمر عن الكلبي بالحرف، فغير قتادة هو الكلبىِ على الأظهر كما يظهر من رواية عبد الرزاق عن معمر، فلعل من نسبه لقتادة سقطت عنده كلمة (غير) التي في رواية الطبري، أو تحرفت إلى (عن).