قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}: فلا تسمعوا قول موسى ولا تجيبوه إلى التوحيد.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كان بين قوله: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وبين قوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} أربعون سنة (١).
وقال الحسن: لقد أملى اللَّه لفرعون بعد هاتين (٢) الكلمتين أربعين سنة.
وقيل في قوله: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى}: أي: الكلمةِ الآخرةِ والكلمةِ الأولى وهما هاتان.
قوله تعالى: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ}: هو وزيرُه {عَلَى الطِّينِ}؛ أي: فاطبخه فاجعله آجُرًّا.
قال قتادة: هو أولُ مَن طبَخَ الآجرَّ وبنى به (٣).
{فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا}: أي: اتخِذْ لي منه قصرًا عاليًا {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى}؛ أي: واجعل لي مراقيَ أَرْقاها فأَرى إلهَ موسى، أو قال: فأصِلَ إلى إله موسى، ظنَّ اللعين أن موسى يقول: إن اللَّه في السماء؛ لإظهاره نزول الوحي عليه من السماء، فقال: أصعدُ فأنظرُ إليه.
وقد ناقض اللعين في كلامه من وجوه؛ قال أولًا: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} ثم أقر فقال: {إِلَى إِلَهِ مُوسَى}، ثم ذكر من نفسه الظنَّ فقال:
{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}: أي: أظنُّ موسى يكذِبُ في دعواه أن له إلهًا، وأنه أرسله إلينا رسولًا يدعونا إلى توحيده وعبادته.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٨٤ - ٨٥) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومجاهد والشعبي.
(٢) في (ر) و (ف): "بهاتين" بدل: "بعد هاتين".
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٢١٧)، والطبري في "تفسيره" (١٨/ ٢٥٥).