(٥٧) - {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}: أي (١): وقال المشركون: يا محمد، إنْ نتَّبع الهدى فنكونَ معك؛ أي: نتَّبع الهدى الذي معك -وهو القرآن- يجتمع العرب على محاربتنا ليُخرجونا من أرضنا.
والتخطُّف: الاستلاب بسرعة.
وهو تعلُّلٌ فاسد منهم تعلَّقوا به عند عجزهم عن معارضة حقِّه وردِّه.
{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا}: أولم نجعل مكانهم في حرمٍ آمنٍ؛ أي: مأمونٍ فيه، و (آمِنٌ) في معنى: ذي أمنٍ لا يُسْبَون فيه ولا يُغار عليهم، ولا يُتعرَّض لهم بمكروهٍ، ثم هذا الحرمُ في موضعٍ لا ضرعَ فيه ولا زرع.
{يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}: أي: يُجمع (٢) ويُجلبُ إليه ثمراتُ كلِّ بلدة.
وقيل: أي يُحمل إليه من كلِّ شيء أرفعُه وأنفعُه؛ كما يقال: ثمرةُ الكلام.
{رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا}: أي: عطيةً مِن عندنا؛ أي: تفضُّلًا منا؛ أي: فمَن فعَل ذلك بكم في حالِ كفركم فهو قادرٌ على أن يحفظكم (٣) حالَ إسلامكم.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُون}: لا يتأمَّلون فيعلمون هذا.
وقيل: نزلت في شأن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد منافٍ، قال لرسول اللَّه
(١) في (ر): "أي حولنا".
(٢) "أي يجمع" من (أ).
(٣) في (ر) و (ف): "يمنعكم"، والمثبت من (أ)، والمعنى واحد.