وعاصم في رواية (١) بياء المغايبة، والباقون بتاء الخطاب (٢)؛ أي: إن اللَّه يعلم ما يعبدون من دونه من صنمٍ أو ملَكٍ أو جنٍّ أو شيطان.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ}: المنيع الذي لا شريك له {الْحَكِيمُ}: في ترك المعاجلة بالعقوبة.
وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ}: أي: هذا المثلُ وسائر الأمثال نبيِّنها للناس ونذكِّر (٣).
{وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}: أي: وما يفهمها ويعرف حقائقها إلا أولو العلم الذين يضعون الأشياء مواضعها، فأما مَن ألِفَ الجهل وترَك التدبُّر فما يَنتفِع بها انتفاعَ مَن يَعقِل.
فإن قيل: لِمَ لمْ يقل وما يعلمها إلا العاقلون، والعقل يسبق العلم؟
قلنا: لأن العقل آلةٌ يُستدرك بها معاني الأشياء بالتأمُّل فيها، ولا يمكن التأمُّل فيها والوصول إليها بطريقها إلا بالعلم، ودلَّت الآية على فضل العلم على العقل، ولا عالم منَّا إلا وهو عاقل وأما العاقل فقد يكون غير عالم.
* * *
(٤٤ - ٤٥) - {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.
وقوله: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}: أي: لم يخلقها باطلًا ولا جُزافًا، بل بحكمةٍ بالغةٍ وهو الامتحان، ثم ذلك يقتضي دارًا أخرى للحساب والجزاء على الأعمال.
(١) في (أ): "قرأ أهل البصرة وعاصم غير الأعشى يدعون".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٠١)، و"التيسير" (ص: ١٧٤)، عن أبي عمرو وعاصم.
(٣) في (ر) و (ف): "تنبيهًا للناس وتذكيرًا".