لردِّ ما سبق، وتقديره: ليس هذا القرآن كما يقوله المبطلون إنه سحر وشعر وكهانة {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}؛ أي: دلائلُ واضحات وحججٌ نيِّرات، يُعرَف بها دينُ اللَّه وأحكامُه.
وقوله تعالى: {فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}: أي: هي كذلك في قلوب أصحابك العلماء يحفظونها ويعتقدونها، فمَن وصَفَه بغير هذه الصفة (١) فهو من أهل الجهل، فلا تبالِ بقوله.
وقيل: {بَلْ هُوَ}؛ أي: بل محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}؛ أي: رسولُ اللَّه حقٌّ ظاهرُ الدليل، وجمع الآيات لوجوه:
أحدها: أنه عَلَمٌ (٢) على أشياءَ كثيرة من أمور الدِّين (٣)، فهو آيةٌ واحدة لذاته آياتٌ لمدلولاته، وهو كقوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} آل عمران: ٩٧ على قولِ مَن جَعَل {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} تفسيرًا لها وترجمةً عنها.
وقيل: كلُّ صفةٍ كانت آيةً، فكانت صفاتُه آياتٍ.
وقيل: كان (٤) من أولِ ما نشأ (٥) إلى آخر أمره آيات؛ لِمَا ذُكر من النور في وجه أبيه ما دام في صلبه، ثم في وجه أمه إذ وقع في رحمها، ثم من ضياء الليلة التي وُلد فيها، ثم مِن ظِلِّ السحاب الذي أظلَّه، وأمثالها، وهي كثيرةٌ.
{فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}؛ أي: أوتوا منافع العلم؛ فهم الذين يعتقدونه ويصدقونه.
(١) في (ر) و (ف): "بغير هذا الوصف".
(٢) في (ف): "أعلم".
(٣) في (ر) و (ف): "الدنيا".
(٤) في (أ): "فكان"، وفي (ف): "وقال". بدل: "وقيل كان".
(٥) في (أ): "فشا".