الفقرُ، ولو أغنيتُه لأفسده ذلك، وإنَّ من عبادي مَن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقَرْتُه لأفسده ذلك، أدبِّر أمور عبادي بعِلمي" (١).
ثم من تمام معنى الآية: أن اللَّه هو يبسط الرزق ويَقْدِره، فلا يحملنكم خوفُ الفقر والضِّيق في الغربة على ترك الهجرة، فإن اللَّه هو رازقكم أين كُنْتم.
* * *
(٦٣) - {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}: أي: فإذا كانوا مُقرِّين بأن فاعل ذلك هو اللَّه، وهو القادر عليه وعلى كل شيء، أفلا يقدر على إغناء المؤمنين؟ قل: الحمد للَّه على ما أوضح لنا من الحجة، وبصَّرنا من العَمَاية (٢)، وأنقذَنا من الجهالة.
وقوله تعالى: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}: أي: لا يتدبَّرون بما فيهم من العقول فيما يُريهم من الآيات ويُقيم من الدلالات، فصاروا بذلك كمَن لا يعقل ما يقال له ولا ما يقول.
وقيل: لا يعقلون ما يلزمهم بهذا الإقرار.
* * *
(٦٤) - {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
(١) رواه الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" (٢/ ٢٣٢)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣١٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٧/ ٩٥)، من حديث أنس رضي اللَّه عنه.
(٢) في (ف): "وبصرنا من الحماقة"، وفي (ر): "ونصرنا بالحماية".