وقوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا}: قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي (١) بتسكين اللام: {وَلِيَتَمَتَّعُوا} على الأمر (٢)، وعلى هذا {لِيَكْفُرُوا} يكون على صيغة الأمر وهو للتهديد؛ كما قال: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} فصلت: ٤٠، وقال: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} الكهف: ٢٩، فدل على أنه للتهديد.
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}: يعني: في الآخرة إذا عُوقبوا على ذلك.
وقرأ الباقون بكسر اللام، وعلى هذه القراءة يجوز أن يكون على صيغة الأمر وتأويله ما مر، ويجوز أن يكون بمعنى (كي) ويتصل بقوله: {إِذَا هُمْ يُشْرِكُون} كي يكفروا نعمتنا ويتمتَّعوا بالدنيا، وسوف يعلمون سوء تدبيرهم عند تعذيبهم وتدميرهم.
* * *
(٦٧) - {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}.
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا}: استفهام بمعنى التقرير {أَنَّا جَعَلْنَا}؛ أي: لهم {حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}؛ أي: وسائرُ أهل بلاد العرب يُستلبون بالإغارة والسبي، إنعامًا مني على أهل الحرم وقد خلَّصتهم في البر كما خلَّصتهم في البحر، فكيف صاروا يشركون بي في البر ولا يشركون بي في البحر ويدعون لي مخلصين؟
وقوله تعالى: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ}: بما يعبدونه من دون اللَّه {وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}: وهو الرسول والكتاب، استفهام بمعنى التوبيخ.
(١) في (أ): "قرأ ابن كثير عن البزي من طريق الهاشمي وقالون عن نافع وحمزة والكسائي وخلف والشموني والبرجمي والخزار عن هبيرة" بدل: "وحمزة والكسائي".
(٢) وهي أيضًا قراءة قالون، وقرأ باقي السبعة بكسر اللام. انظر: "السبعة" (ص: ٥٠٢)، و"التيسير" (ص: ١٧٤).