أمورَ شتائه في صيفه وأمور صيفه في شتائه وهو لا يتيقن بوصوله إلى ذلك الوقت، ويقصِّرَ في الدنيا في إصلاح أمور معاده ولا بد له منها (١).
* * *
(٨) - {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ}.
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ}: هي كلمة استبطاءٍ، ومعناها: هلا تفكَّروا إذ (٢) أخَّروا التفكُّر وتركوه.
وقوله: {فِي أَنْفُسِهِمْ} قيل: أي: في خلق أنفسهم؛ كما قال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} الذاريات: ٢١، وقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} فصلت: ٥٣؛ أي: لو تفكَّروا في خلق أنفسهم أفادهم ذلك علمًا في الآخرة وزوال الغفلة عنهم. وانقطع الكلام ثم قولُه:
{مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}: كلام مبتدأ.
وقيل: هو متصل بالأول، والتفكُّر واقعٌ على {مَا}، ومعنى الكل على هذا القول: أولم يَخْلوا بأنفسهم فيتفكَّروا في الخلوة (٣) التي يتمكَّن معها الإنسان من عقله أنْ {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ} بإضمارِ (أنْ) الخفيفة، ويكون التفكُّر واقعًا على هذا، وإضمار (أنْ) للوصل جائز كما في قوله في هذه السورة:
(١) في (ر): "من العلم القاصر على منافع الدنيا يفني الإنسان شبابه في تعلم أمور الدنيا وهو لا يتيقن بوصوله إلى ذلك الوقت ويقصر في أمور دينه واستعداده لمعاده الذي لا بد له منه"، بدل: "ومن العلم القاصر أن يهيئ. . . ".
(٢) في (أ): "لم"، وفي (ف): "إذا لم".
(٣) في (ف): "الحياة"، وفي (ر): "الحياة الدنيا".