وقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ}: أي: خلقةَ اللَّه، نصبٌ على الإغراء؛ أي: الزَموا هذا الدِّين الحقَّ فإنه فطرةُ اللَّه {الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}؛ أي: خلَقها عليها؛ أي: على خلقةٍ تَشهد أن لها صانعًا وتدل على التوحيد.
وقيل: أي: فطر الناس لها، وهو قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات: ٥٦، واللام و (على) متعاقبان، يقال: ما على هذا بعثتُك، وما لهذا بعثتُك.
وقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}: أي: لا يتهيَّأ لأحد تبديلُ هذه الخلقة وتغييرُها عن هذه الدلالة بإقامةِ حجةٍ على ضدها، إنما يُورد الناس الشُّبَهَ على الحجج ليستزلُّوا بها الناس، فمَن تأمَّلها بان له بطلانُها.
وقيل: معناه: خلق اللَّه العباد ليأمرهم بالإسلام، فلا يمكنُ تبديل ذلك وجعلُهم بغيرِ ذلك الدِّين.
{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}: أي: المستقيم، وهو ما ذكر: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}؛ أي: ولكن الجهل غالب على كثير من الناس لتقليدهم الأسلافَ وتركِهم التأمُّلَ.
وقيل: أي: ولكنَّ قريشًا (١) لا علم لهم (٢) فلذلك ضلُّوا عن هذا الدين، ولو كانوا علماء لم يَدينوا (٣) بغيره.
* * *
(١) في (ف): "ولكن عبدوا من".
(٢) بعدها في (ف): "به".
(٣) في (ر): "يتدينوا".