وإذا نزلوا قرُبوا، وإذا قرُبوا كوشفوا، وإذا كوشفوا شاهَدوا، وإذا شاهَدوا عايَنوا، وإذا عايَنوا أَنِسوا، وإذا أَنِسوا أَبْصَروا.
وقوله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا}: (كلما) كلمةٌ تقتضي عمومَ الأفعال، وكلمةُ (كلّ) تقتضي عموم الذَّوَات، وحقيقتُها: أن كلمة (كلّ) لعمومِ ما دخل فيه، و (ما) مع الفعل المذكورِ بعده بمنزلةِ المصدر، فيقتضي عمومَ ذلك الفعلِ لدخولها فيه، فاقتضَى التكرارَ بهذا الطريق.
وقوله {رُزِقُوا}؛ أي: أُعطوا، وقد بينَّا حقيقةَ هذا في (١) قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} الأنفال: ٣.
وقوله: {مِنْهَا}؛ أي: من الجنات، و (مِن) في {مِنْهَا} (٢) لبيان المكان؛ أي: من هذا المكان يرزقون.
وقوله: {مِنْ ثَمَرَةٍ} (مِن) في هذا للتجنيس.
وقيل: هي زائدةٌ؛ أي: كلما رزقوا ثمرةً، كما قيل في قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} الأحقاف: ٣١: (مِن) هذه زائدةٌ؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} الزمر: ٥٣.
وقيل: هي للتأكيد، كما في قولهم: ما في الدار من رجلٍ.
وقوله تعالى: {رِزْقًا} هو خبرُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهو مفعولٌ ثانٍ في الحقيقة، أَخبر أنَّ لهم رزقًا في الجنة، وهو كقوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} مريم: ٦٢، {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ} الصافات: ٤١، {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ
(١) في (ر) و (ف): "من".
(٢) في (ر): "ومن فيها".