{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}: أي: لا يردُّه اللَّه وإذا لم يردَّه هو لم يستطِعْ أحدٌ ردَّه، فهو آت لا محالةَ وهو يوم القيامة فاستعِدُّوا له.
{يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ}: أي: يتفرَّقون، وأصله: يتصدَّعون، وهو كقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} الآية الزلزلة: ٦ وبيَّنه هاهنا أيضًا فقال:
* * *
(٤٤ - ٤٥) - {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}.
{مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}: أي: ضررُ كفره وعقوبةُ كفره في دار الجزاء.
{وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}: أي: يوطِّئون مقارَّ (١) أنفسهم في القبور، وقيل (٢): في الجنة.
وقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ}: متصلٌ بقوله: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ. . . لِيَجْزِيَ}؛ كما قال: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} الزلزلة: ٦ يقول: إنهم يتفرقون في المنازل ليتميَّز الكافر من المؤمن {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} باللَّه وحده {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} له وحده {مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: بفضله.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}: فيسويهم بالمؤمنين، بل يُبغضهم فيميِّز بينهم ويبنهم، فيعاقب الكافرين عذابًا غيرَ منقطعٍ وذلك عدل منه، ويثيب المؤمنين ثوابًا غيرَ منقطعٍ وذلك فضل منه.
* * *
(١) في (ر) و (ف): "مهاد".
(٢) "قيل" زيادة من (أ).