وقوله تعالى: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قال ابنُ مسعود وابنُ عباس ومجاهدٌ وقتادةُ رضي اللَّه تعالى عنهم؛ أي (١): قالوا: هذا الذي رُزقناهُ مِن ثمار الجنة مِثْلُ الذي كنَّا رُزقناه مِن ثمار الدنيا (٢)؛ أي: في الصورةِ والاسمِ، فقد قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: ليس في الدُّنيا ممَّا في الجَّنة إلَّا الأسماء (٣)، فأشجارُ الجنَّة مِن الزَّبَرجد والياقوتِ والذهب والفضَّة.
وقال أبو عبيدة ويحيى بنُ أبي كَثيرٍ: ثمارُ الجنَّة إذا جنيتَ مِن أشجارها استُخلفَ مكانها مِثْلُها، فإذا رأوا ما استُخلِف بعد الذي جُني، اشتَبه عليهم فقالوا: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} (٤).
وقيل: يُؤتى بالعَشاء مِثْلَ ما كان يُؤتى بالغداة (٥)، فيقولون: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}؛ أي: مِثْل ما تقدَّم.
وقيل: معناه: هذا الذي وُعدنا في الدُّنيا أنْ يكون رزقًا لنا في الجنَّة.
وقيل (٦): أي: هذا ثوابُ ما رُزقناْ مِن العمل الصالح في الدنيا، فالثوابُ مُضمَر، والإضمارُ جائزٌ كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: ٨٢؛ أي: أهل القرية.
وقوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} هو على ما لم يُسمَّ فاعلُه على قراءة العامة، وقرأ
(١) في (ف): "إنهم".
(٢) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١/ ٤٠٨ - ٤٠٩).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٤١٦)، وانظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ١٧١).
(٤) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١/ ٤٠٩ - ٤١٠)، وانظر: "النكت والعيون" (١/ ٨٦). وأبو عبيدة هو ابن عبد اللَّه بن مسعود.
(٥) في (ف): "بالغداء".
(٦) "وقيل": ليست في (أ).