يتبيَّن المردود من المقبول، والمهجورُ من الموصول، والذَّميم من الرضيِّ (١)، والعدوُّ من الولي، فكم من بَهجةٍ دامت (٢) هنالك، وكم من مُهجةٍ ذابت عند ذلك (٣).
* * *
(٢٦) - {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ}.
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ}: أي: أولم يتبين لهم إهلاكُنا القرونَ من قبلهم فيتَّعظوا أو يرتدِعوا عن الشرك.
{يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ}: أي: يمشي هؤلاء في مساكن المهلَكين في أسفارهم، وهي بلاد قوم صالح وشعيب ولوط؛ كما قال: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} الصافات: ١٣٧ وقال تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} الحجر: ٧٩.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ}: أي: مَن فعَل فعلَهم جُزي جزاءهم {أَفَلَا يَسْمَعُونَ} ما يوعظون به فيتعظوا به.
* * *
(٢٧) - {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}.
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا}: أي: أولم يرَ هؤلاء المكذِّبون بالبعث {أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ} وهو المطر {إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ}؛ أي: اليابسةِ التي لا نبات فيها، انقطع ذلك لانقطاع الأمطار، وهو من قولهم: سيف جُراز؛ أي: قطَّاع.
(١) في (ف): "والدميم من الوضي".
(٢) في (أ): "بهجة دامت" بدل من "مهجة هامت".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات": (٣/ ١٤٦ - ١٤٧).