{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}: أي: وحسبك اللَّه قائمًا بأمورك.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} كنْ لنا لا لك، وقُم بنا لا بك.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} التوكُّل تحقُّقٌ ثم تخلُّقٌ ثم توثُّقٌ ثم تملُّقٌ، تحقُّقٌ في العقيدة، وتخلُّقٌ بإقامة الشريعة، وتوثُّقٌ بالمقسوم من القضية، وتملُّقٌ بين يديه بحسن العبودية (١).
* * *
(٤) - {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.
وقوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}: يذكُر ما كان المنافقون يقولونه، يقول: لم يجعل اللَّه لرجل {فِي جَوْفِهِ}؛ أي: في بطنه قلبين، إنما جعل له قلبًا واحدًا.
وقوله تعالى: {مِنْ قَلْبَيْنِ} كلمةُ {مِنْ} زيدت للتأكيد؛ كما في قوله: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} الحاقة: ٤٧.
وقيل: هو في أبي معمر جميل بن معمر بن أُسَيدٍ الفِهْريِّ، وكان حافظًا لِمَا يسمع، وأهدى الناسِ للطريق، وسمَّته العرب ذا قلبين، وكان هو يقول: إن لي قلبين أحدهما أعقلُ من الآخر، وكان يوم بدر انهزم وإحدى نعليه في رجليه والأخرى في يديه، وكان يعدو في الرمضاء وتحترق رجله ويقول: أين نعلي أين نعلي؟ ولا يعقل
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ١٥٠).