{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}: لا يؤاخذ (١) بالخطأ، ويقبلُ التوبة من المتعمِّد.
وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: إن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس -وكان ممن شهد بدرًا- تبنَّى سالمًا وأنكحه ابنةَ أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى امرأةٍ من الأنصار، كما تبنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زيدًا، وكان مَن تبنى رجلًا في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث من ميراثه، حتى أنزل اللَّه تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} الآية، فرُدُّوا إلى آبائهم، فمَن لم يُعلم له أبٌ كان أخًا في الدِّين (٢).
* * *
(٦) - {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}.
وقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: أي: أحَقُّ بالمؤمنين بأنْ يَحكم عليهم من أنفسهم فيما يحكمون به لأنفسهم مما يخالف حكمَه.
وقيل: {مِنْ أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: من بعضهم لبعض؛ كما قال: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} النور: ٦١، {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} الحجرات: ١١؛ أي: فهذه رتبةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومع هذا هو لا يرث أحدًا من أمته إلا بقرابة، فكذلك أدعياؤكم لا يرثونكم لأنه لا قرابة بينكم.
وفي مصحف أبيٍّ: (النَّبيُّ أَوْلَى بالمؤمِنينَ مِن أنفُسِهم وهو أبٌ لهم) (٣).
(١) في (ر): "يؤاخذكم".
(٢) رواه البخاري (٥٠٨٨).
(٣) رويت عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه في "تفسير عبد الرزاق" (٢/ ٢١١)، وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في "المستدرك" (٣٥٥٦). وعن ابن مسعود أو أبيٍّ في "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٣٥).