(١٥) - {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا}: أي: مسؤولًا عنه؛ أي: فنقضوا عهدهم واللَّه يسألهم عن ذلك، وكان بنو حارثة عاهدوا اللَّه بأحد أنْ لا يُولُّوا.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هم قوم من أهل مكة.
وقال مقاتل رحمه اللَّه: هم السبعون الذين عاهدوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة العقبة وقالوا له: اشترط لربك ولنفسك، قال: "اشترطتُ لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، واشترطتُ لنفسي أن تمنعون مما تمنعون، منه أنفسكم وأموالكم وأولادكم"، قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: "لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة"، قالوا: قد فعلنا ذلك (١).
وقال محمد بن إسحاق رحمه اللَّه: عاهدوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد على ألا يَفِرُّوا بعد ما نزل في الفارِّين (٢).
* * *
(١٦) - {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}: أي: إن كان حضر أجلُكم فلن ينفعكم الفِرار، وإن كان لم يحضر وفَرَرْتُم لم
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٤٧٨). وهذا الكلام مردود لا يجوز اعتقاده، فكيف يظن بأهل بيعة العقبة وهم من خيرة الأنصار أن يكونوا هم المقصودن بهذه الآية، وقد تعقبه البغوي في "تفسيره" (٦/ ٣٣٣): وهذا القولُ ليس بمَرْضيٍّ؛ لأن الذين بايَعوا ليلةَ العَقَبة كانوا سبعين نفرًا، لم يكن فيهم شاكٌّ ولا مَن يقولُ مِثلَ هذا القول، وإنما الآيةُ في قومٍ عاهَدوا اللَّه أنْ يقاتلوا ولا يَفِرُّوا، فنقضوا العهدَ.
(٢) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٦).