(١٨) - {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}.
وقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ}: أي: المثبِّطين المثقِّلين الناسَ عن شهود الحرب، وأصل التعويق: المنعُ، وقد عاقَه يَعُوقُه؛ أي: منعه، والتفعيل للتكرير والتكثيرِ، وهم طائفة من المنافقين.
قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ}: أي: طائفةٍ أخرى منهم.
وقيل: هؤلاء اليهود يقولون لإخوانهم؛ أي: للَّذين يؤاخونهم على الكفر.
{هَلُمَّ إِلَيْنَا}؛ أي: أقبِلوا إلينا وصيروا في جملتنا، ودَعُوا عسكرَ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تشهدوا معه القتال.
{وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ}: الحربَ {إِلَّا قَلِيلًا} يقولون لإخوانهم: إن أصحاب محمد لا يحضرون الحرب، إلا طائفةٌ قليلة منهم لا يقاومون الأحزاب، فهم مغلوبون فلا تكونوا معهم، وهذا قول قتادة (١).
وقيل: أي: ولا يأتي هؤلاء القائلون لإخوانهم هذا الحربَ إلا قليلًا؛ أي: لهم الوصفان جميعًا: هم مثبِّطون لغيرهم ومتخلِّفون في أكثر الأحوال بأنفسهم.
وقيل: أي: يحضرون ساعةً رياءً وسمعة، يقفون قليلًا مقدارَ ما يُرى شهودُهم ثم ينصرفون؛ كالذين لا يَأتونَ الصَّلاةَ إلَّا وهم كُسَالَى يراؤون الناس.
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٥٠).