وقال القتبي وأبو عمرٍو والزجَّاج وجماعةٌ: هما مثلان، بدليل أنه قال في الثواب: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} فكذلك العذاب، ومعناه: نضاعف لها العذاب فنجعل ذلك ضعفين؛ أي: مثلين كل واحد منهما ضعفُ الآخر؛ لأن ضعف الشيء مثله (١).
وهذا لشرفهن وقَدْرهن بصحبة النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتَفْحُشُ جنايتُهنَّ وتُغلَّظ عقوبتُهن، وكذلك طاعتُهن وثوابهن.
وقيل: هذا العذاب المضعَّف في الآخرة كالثواب المضاعف.
{وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}: أي: وكان تضعيف العذاب لهن على اللَّه هينًا غيرَ متعذِّر.
* * *
(٣١) - {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}: أي: ومَن يدم منكنَّ على طاعة اللَّه وطاعة رسوله، والقنوت: الدوام على العمل للَّه تعالى.
{وَتَعْمَلْ صَالِحًا}: قرأ حمزة والكسائي بياء التذكير ردًّا على (مَن)، والباقون بتاء التأنيث (٢)؛ لأنَّه فعلُ المرأة.
{نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ}: قرأ حمزة والكسائي بياء المغايبة؛ أي: يؤتها اللَّه، والباقون
(١) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣٥٠)، و"معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٢٢٦). أما أبو عمرو فذكر قوله الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٩١) بتفصيل، وذلك أنه جعل (يُضعَّف) بمنزلة المثلين، و (يضاعَف) ثلاثة أمثال، ولذلك اختار في القراءة: (يُضعَّف).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٢١)، و"التيسير" (ص: ١٧٩).