وقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}: قرأ نافع وعاصم بفتح القاف، وأصله: واقْرَرْنَ، من باب عَلِم من القرار، وهو مستعمل من باب ضرب وعلم جميعًا.
قال الزجَّاج: حُذفت إحدى الراءين ونُقلت فتحتُها إلى القاف فتحرَّكت فسقطت الألف المجتلَبة لزوال الضرورة والحاجة إليها (١)، وهذا الحذف كالحذف في قوله: {فَظَلْتُمْ} الواقعة: ٦٥.
وقرأ الباقون: {وقِرْنَ} بكسر القاف من الوَقار (٢)، وهو السكون والطمأنينة؛ أي: الْزَمْنَ بيوتَكُنَّ فذلك أَستَرُ لكنَّ وأحرى أنْ لا يراكُنَّ أجنبيٌّ يكلِّمكنَّ.
{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}: قال قتادة: وهو التبختُر إذا خرجت من بيتها (٣).
وقال مجاهد: هو التبخترُ في بيتها لمن دخله من الرجال (٤).
فأُمرن بالتَّستُّر والعفاف (٥) في الحالين.
وقيل: هو التزيُّن والتكشُّف، وأصل الكلمة: السعةُ والظهور، ومنه: البُرج، وهو القصر، والبَرَج في العين وهو سَعَة الحدقة.
والجاهلية الأولى: المتقدِّمة على الإسلام.
وقيل: إن اللَّه تعالى كان أعلمَ نبيَّه انفتاحَ بلدان الأمم على أمته واتِّساعَ أصحابه
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٢٢٥).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٢١)، و"التيسير" (ص: ١٧٩).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٩٧).
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣٤٠) بلفظ: (كانت المرأةُ تتمشَّى بَيْن الرِّجالِ فذلك تبرُّجُ الجاهليَّة).
(٥) في (ف): "فأمرت بالستر والتعفف".