وقيل: {فِي الْعَذَابِ}؛ أي: في العناء والأذى؛ لِمَا يجتهدون فيه من إضلالِ الناس وصدِّهم عن الحق مع بطلان سعيهم؛ قال عَبيدُ بن الأبرص:
والمرءُ ما عاش في تكذيبٍ... طول الحياة له تعذيبُ (١)
وحكى أبو معاذ عن بعضهم: {فِي الْعَذَابِ}؛ أي: الشقاءِ الطويل.
* * *
(٩) - {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}: أي: كيف هو محيط بهم، ومن كل جهة رَموا بأبصارهم إليهما رأوهما، وهم محصورون بينهما، فيستدلوا بذلك على أنهم في سلطان اللَّه تعالى تجري عليهم أحكامه.
{إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاء}: لا يمتنعون عن شيء من ذلك، فيحذروا الافتراء على رسولي، ويتركوا الإشراك بي والتعجيزَ لي عن إعادتهم بعد موتهم، ويستدلوا بقدرتي على خلقهما على قدرتي على بعثهم بعد موتهم، وهو كقوله: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} يس: ٧٨، إلى قوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} يس: ٨١.
وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}: أي: راجعٍ إلى اللَّه مقبلٍ عليه متدبرٍ في آياته، فهو المنتفع (٢) بها.
* * *
(١) انظر: "جمهرة أشعار العرب" (ص: ٣٨٤)، و"الشعر والشعراء" (١/ ٢٦١).
(٢) في (أ): "المتسع".