(٢١) - {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}.
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ}: أي: ولايةِ جبرٍ على فعل.
وقيل: أي: حجةٍ على ما يدعوهم إليه.
{إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}: {إِلَّا} بمعنى: لكنْ؛ أي: ولكنَّا ابتلينا المكلَّفين بوساوسه ليُعلم المؤمن المخلص من الشاكِّ في البعث، وهو استثناء منقطع.
وقيل: هو على حقيقة الاستثناء، وهذا سلطان التخلية؛ أي: وما كان له عليهم من سلطان بالتخلية منَّا إلا لنعلم المؤمنَ من الكافر؛ أي: إلا لتصحَّ (١) المحنة؛ لأنَّها تصحُّ إذا كان للممتحَن داعٍ يدعوه إلى الباطل وجاذبٌ يجذبه إلى الحق، فيجاهدُ بعقله هواه، فيظهرُ حينئذ طاعةُ المطيع ومعصيةُ العاصي.
ثم قوله: {إِلَّا لِنَعْلَمَ}؛ أي: إلا لنُظهِرَ المعلوم بوجوده، أو لنعلمه موجودًا حالَ وجوده كما علِمناه قبل وجوده أنه يوجد، أو لنعامل معاملةَ مَن يختبِر للظهور، أو ليعلم أولياؤنا ذلك، وقد كشفنا ذلك كله في نظائره فيما مر.
وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}: عالمٌ به يحفظه على صاحبه ليجازيَه جزاء عمله (٢).
وقيل: أي: رقيب.
* * *
(١) في (ر): "لتفضح".
(٢) في (ر): "مثله".