وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وخلف والأعمش والبرجمي (١): {أُذِنَ له} بالضم على ما لم يسمَّ فاعله، والباقون على الفعل الظاهر مضافًا إلى اللَّه تعالى (٢).
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}: أي: أُزيل الفزع عنها، وقد فَزِعَ؛ أي: خاف، وأفزعه غيرُه؛ أي: أخافه، وفزَّعه؛ أي: أزال خوفه؛ كقولك: قَذِيَتْ عينه؛ أي: وقع فيها القَذَى، وأقذاها غيرُه؛ أي: أوقَعَ فيها القَذَى، وقذَّاها: أزال عنها القذى، وقريب منه: مَرِض بنفسه، وأَمْرَضه غيرُه: جعله مريضًا، ومرَّضه: إذا قام عليه وداواه وعالجه.
وهذا وصف الملائكة، وتقديره: {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}؛ أي: إلا للَّذين أذن اللَّه لهم من الأنبياء والملائكة -و (مَن) للجنس فصلح للجمع- ففزِعوا حين وردَ عليهم كلام اللَّه تعالى بالإذن لهم بالشفاعة، وهم الملائكة، وهذا الفزع من هيبة ما يَقترن به من الأمر الهائل، أو لِمَا يخافون من وقوع التقصير منهم في شفاعة الذين يَشفَعون لهم بأنْ كان على الإجمال دون التعيين فتَشتبِهُ أحوال المشفوع لهم.
حتى إذا كُشف عنها الفزع {قَالُوا} للملائكة الذين فوقهم، وهم المبلِّغون ذلك إليهم:
{مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}: أي: أَمر به، وهو كلام الخاضع المتذلِّل.
{قَالُوْا}: أي: أولئك الملائكة: {الْحَقَّ}؛ أي: قال اللَّهُ الحقَّ؛ أي: أَمَر أمرًا حقًّا.
{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}: أي: المتقدِّس بالجلال، المتفرِّد بالكمال، فلا يأمر إلا بالحق.
(١) "وخلف والأعمش والبرجمي" من (ر).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٢٩)، و"التيسير" (ص: ١٨١)، وقراءة خلف من العشرة في "النشر" (٢/ ٣٥٠).