قال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} طه: ٤٤، ونحو هذا الكلام قول حسان رضي اللَّه عنه:
أتهجوهُ ولستَ له بندٍّ... فشرُّكما لخيرِكما الفداءُ (١)
وقيل: هو من التقسيم الذي هو من أقسام البلاغة، هما مبتدآن لهما خبران، فيتصل كلُّ خبر بمبتدئه، وتقديره: وإنَّا لعلى هدى وإياكم لفي ضلال مُبين، وهو كقوله: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} القصص: ٧٣؛ أي: الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا من فضله، وهو كقول أمرئ القيس:
كأنَّ قلوب الطير رطبًا ويابسًا... لدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي (٢)
أي: الرَّطب كالعُنَّاب واليابسُ كالحشف البالي.
* * *
(٢٥ - ٢٦) - {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}.
وقوله تعالى: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}: أي: إنما أدعوكم لنَفْعِكم ودفعِ الضرِّ عنكم، لا لنفعنا ودفع الضر عن أنفسنا، فإنكم لا تؤاخَذون بإجرامنا ونحن لا نؤاخَذ بإجرامكم.
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا}: أي: في القيامة {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ}؛ أي: يقضي فيجزي كلَّ فريق على وَفْقِ عمله إنْ خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
{وَهُوَ الْفَتَّاحُ}: أي: القاضي العدلُ {الْعَلِيمُ} بأعمال العباد وبوجوه القضاء.
(١) انظر: "ديوانه" (ص: ٩).
(٢) انظر: "ديوانه" (ص: ١٣٩). العناب: ثمر، والحشف: اليابس الفاسد من التمر.