{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: وقد كذَّب الذين كذَّبوا قَبْلَهم من الأمم والرسل فأهلكناهم.
{وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}: أي: إن هؤلاء المشركين لم يبلغوا في القوة والأموال (١) والأولاد عُشر ما بلغه أولئك، فإذا لم يمتنع أولئك من عذابي فكيف يمتنع هؤلاء.
والمعشار: العشر، وكذلك المرباع: الرُّبع، ولا يُتكلم بمثله إلا في هذين؛ قاله قطرب.
{فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}: قيل: النكير جزاءُ المنكَر.
وقيل: هو الإنكار؛ أي: التغيير؛ أي: فانظر كيف كان تغييري أحوالَهم عن المحبوب إلى المكروه، وتقديره: نكيري، حُذفت الياء تخفيفًا واكتُفيَ بكسرة الراء؛ لاتِّفاق الفواصل.
* * *
(٤٦) - {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}: ثم إن اللَّه تعالى بعد أن حاجَّهم فيما وصَفوا به الكتاب والرسول، وعَظَهم ودعاهم إلى النظر ومخالفةِ سُبُل (٢) الأمم الخالية في التقليد.
وبيَّن وجه النظر على أبلغ وجه وأَبْينِه فقال: قل يا محمدُ لمشركي مكة: إنما
(١) في (ر): "والمال".
(٢) في (ر): "سبيل".