والحقُّ: العدلُ في قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} ص: ٢٦.
والحقُّ: العذابُ في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} الأنبياء: ١١٢.
والحقُّ: الحاجةُ في قوله تعالى: {مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ} هود: ٧٩.
وأمَّا التفسيرُ:
فمعناه: فأمَّا الذين اعتقدوا بقلوبهم دينَ الحقِّ وأقرُّوا بألسنتِهم بذلك، فيعلمون أنَّ هذا المثَلَ حقٌّ مِن اللَّه تعالى (١)، فيتفكَّرون في هذا المثَلِ الحقِّ، ويوقنون أنَّ اللَّهَ هو خالقُ الكبير والصغير، كلُّ ذلك في قدرته سواءٌ، كما أنَّ الخلقَ عاجزون عن خَلْق الكبير والصغير، كلُّ ذلك في عجزهم سواء.
وقال الإمام القشيريُّ: فأمَّا (٢) مَن فُتحت أبصارُ سرائره، فلا يَنظر إلى الأغيار (٣) والآثار إلَّا نَظَر الاعتبار، ولا يَزداد إلَّا نفاذ الاستبصار، وأمَّا الذين سُكِّرت أبصارُهم بحُكم الغفلة والإغفال، فلا يَزيدهم ضربُ الأمثال إلَّا زيادةَ الجهل والإشكال (٤).
وقوله تعالى: {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}: فمَن عرفَ الحقَّ، فمِن حقِّه القيامُ بحقِّه، وقبولُ حقِّه، وأداءُ حقِّه، بل حقُّ عارفِ الحقِّ: كونُه بالحقِّ وللحقِّ، وكونُه به: ألَّا يُلاحظَ (٥) غيرَه، وكونُه له: ألَّا يُساكن غيرَه، وكيف تصحُّ النِّسبة (٦) لمن تفرَّقت له الصحبةُ، وتقسَّمت الخلائقُ والعلائقُ قلبَه.
(١) "من اللَّه تعالى": ليس في (ف).
(٢) في (ر): "وأما".
(٣) في (أ): "الأعيان".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٧١).
(٥) في (ر): "يلحظ".
(٦) في (ر): "النية"، وفي (ف): "التشبه".