الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} الشورى: ٢٣ قال: لا تؤذوا محمدًا في أقاربه، فلما ذكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آلهتَهم بعد ذلك قالوا: ما أنصفَنا محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- ينهانا أن لا نؤذيَ أقاربه ففعلنا، وهو يذكر آلهتنا! فنزلت هذه الآية: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}؛ أي: إن شئتم فآذوهم، فردَّ عليهم أجرهم الذي كان سألهم من (١) أن لا يُؤذوا أقاربه.
وفيها وجه آخر: {مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} وهو الكفُّ عن أذى أقاربي {فَهُوَ لَكُمْ}؛ أي: فذلك الأجر لكم؛ لأنكم إذا فعلتُموه كان ثوابه من عند اللَّه لكم.
* * *
(٤٨) - {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}: أي: يُلقي الحقَّ إليَّ وإلى عباده المؤمنين على وجهٍ لا يقع عليه اعتراضٌ متوجِّهٌ، بل يَبطُل به الباطلُ.
{عَلَّامُ الْغُيُوبِ}: أي: هو علَّام الغيوب، لا تخفَى عليه حقائق الأشياء، ولا يذهب عليه (٢) الصواب في الحجج.
* * *
(٤٩) - {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}.
{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ}: أي: الدِّين الحقُّ؛ لوضوح آياته ودلالاته {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}؛ أي: ولا يَثبُت للباطل -أي: الشركِ- أثرٌ بدءًا ولا عودًا.
وقال أبو عبيدة: {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}؛ أي: يأتي بالحق (٣).
(١) "من" من (أ) و (ف).
(٢) في (أ): "عنه".
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ١٥٠).