لأنهم يخشون ردَّها، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} المؤمنون: ٦٠.
وهذا يبطل قول المعتزلة خذلهم اللَّه: إنه يجب على اللَّه أن يقبلها ويثيبَ عليها.
ومعنى {لَنْ تَبُورَ}: أنهم يربحون فيها؛ لأن السلعة إذا كسَدت على صاحبها لم يَنتفعْ بها.
* * *
(٣٠) - {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}.
{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ}: أي: يتلون ويتصدَّقون ويصلُّون وينفقون ليتمِّم اللَّه لهم (١) ما وعدهم من الثواب على الطاعات {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} على الموعود، فقد قال: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء: ٤٠.
{إِنَّهُ غَفُورٌ} للذنوب الكثيرة {شَكُورٌ} للطاعات اليسيرة، يرضاها ويقبلها ويُثني عليها ويحب صاحبها، قال تعالى: {فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} الإسراء: ١٩.
* * *
(٣١) - {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ}: أي: القرآن الذي يتلوه هؤلاء {هُوَ الْحَقُّ}؛ أي: الصدق {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}: موافقًا لِمَا قبله من التوراة والإنجيل وسائرِ الكتب في التوحيد والعبادة والإخبار عن الأمور الكائنة، ونُصب على القطع لأنه نكرةٌ نعت به المعرفة.
(١) في (أ): "ليتم اللَّه" بدل: "ليتمم اللَّه لهم".