وقيل: هو حزن الأخذ بتقصير الطاعات، والعقوبةِ على ارتكاب (١) الجنايات، ويدلُّ عليه ما بعده: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}؛ أي: غفر الجنايات الكثيرة، وقيل: الطاعات اليسيرة.
* * *
(٣٥) - {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}.
وقوله تعالى: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}: قيل: هو نعتُ قوله: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ}.
وقيل: هو عطف على قوله: {شَكُورٌ}.
وقيل: تقديره: هو {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ}؛ أي: الإقامة {مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: هذا بفضله لا باستحقاقنا.
قوله: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا}: أي: في دار الإقامة {نَصَبٌ}؛ أي: تعب، من حدِّ علم.
وقوله تعالى: {وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}: أي: لا يصيبنا فيها إعياء، وصرفُه من بابِ دخل؛ أي: لا سعي عليهم في أسباب المعاش فلا تعبَ ولا إعياء، ولا تهتمُّ قلوبهم بعدم مراد فلا مشقَّة ولا عناء.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: إذا أرادوا أن يروه لم يحتاجوا إلى قطع مسافةٍ، ولا إلى تحديقِ مقلةٍ نحو جهة (٢).
* * *
(٣٦) - {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}.
(١) في (ر) و (ف): "فعل".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٢٠٧).