(٤١) - {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}: أي: فإن لم يكن لآلهتهم شركٌ في السماوات والأرض فيستحِقُّوا أن يُعبدوا فاعلموا أني أنا المستحِقُّ لها؛ لأني أنا خالقُهما وحافظهما، قال اللَّه تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} البقرة: ٢٥٥ ولو لم أمسكهما لزالتا.
وقوله تعالى: {أَنْ تَزُولَا}؛ أي: من أن تزولا.
وقيل: أي: لئلا تزولا؛ كقوله: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} النحل: ١٥؛ أي: لئلا تميد بكم.
{وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}: أي: ما أمسكهما أحدٌ من بعد إمساكه إياهما، وقيل: أي: بعد زوالهما. وقيل: أي: غيرُه.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}: تعليل بمعنًى اقتضاه قولُه تعالى: {إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}؛ أي: ولو زالتا لردَّهما اللَّه تعالى إلى مكانهما وأمسكهما كما كانتا لمصالح العباد؛ لأنه {كَانَ حَلِيمًا} قادرًا لا يعاجل بالعقوبة {غَفُورًا} ساترًا لذنوب العباد، ماحيًا لها إذا تابوا.
ووجه آخر في تفسير تمام الآية: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ولو لم يمسكهما (١) لزالتا لفظاعة مقالة المشركين في اللَّه، وهو كما قال: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} (٢) مريم: ٨٨ - ٩٠
(١) في (أ): "ولولا أمسكهما".
(٢) في (ف) و (أ) بدل {يَتَفَطَّرْنَ}: "ينفطرن"، وهي قراءة سبعية تقدمت في موضعها.