ونظيرُه قولُه: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} الأنعام: ١٠٩، وقولُه: {لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} الأنعام: ١٥٧.
* * *
(٤٣) - {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
وقوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا}: أي: نفروا عنه ليكون لهم الكبرياءُ والعلوُّ {فِي الْأَرْضِ}؛ أي: في بلادهم {وَمَكْرَ السَّيِّئِ}؛ أي: وليخدعوا الضعفاء التابعين لهم بالاحتيال، ويصدُّوهم بذلك عن الإيمان ليكونوا أعوانًا لهم كما كانوا يقولون: نحن أكثر أتباعًا وأعزُّ نفرًا.
وإضافة المكر إلى السيِّئ إضافةُ الشيء إلى نفسه كإضافة الحق إلى اليقين ونحوِ ذلك، ووصفه بالسيئ لأنه كان للصدِّ عن الحق، وقد يكون المكرُ حسنًا إذا كان احتيالًا للدعاء إلى الحق.
{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}: أي: لا ينزل إلا بهم (١).
وقال الزهري: بلغنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تمكُرْ ولا تُعِنْ ماكرًا، فإن اللَّه تعالى يقول: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} ولا تَبْغِ ولا تُعِنْ باغيًا فإن اللَّه يقول: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} يونس: ٢٣ ولا تنكُثْ ولا تُعِنْ ناكثًا فإن اللَّه يقول: {فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} الفتح: ١٠ " (٢).
= مقاتل" (٣/ ٥٦٠)، و"معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٢٧٤)، و"معاني القرآن" للنحاس (٥/ ٤٦٥)، و"تفسير الثعلبي" (٨/ ١١٥)، و"تفسير البغوي" (٦/ ٤٢٦).
(١) "إلا بهم" ليس في (أ) و (ف).
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٧٢٥).