وقيل: مِن العهد نَذْرُ العبد إذا نزل به محذورٌ أنْ يلازِم التوبةَ ويُجانِبَ الشرورَ، ونقضُه: العودُ إلى مألوفِ الفساد، ومراجعةُ التعاطي المعتاد.
وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}؛ أي: توثيقِه، والوثيقُ: المحكَم، وقد وَثُقَ وَثاقةً مِن حدِّ: شَرُف، والتوثيقُ (١) والإيثاقُ: الإحكامُ.
والميثاقُ: العهدُ المُحكَم، والوِثاقُ -بفتح الواو وكسرها-: ما يُحكَم به الشيءُ، والمرادُ مِن الميثاق في هذه الآية هو المصدرُ المذكورُ على وزن المِفْعال دون نفسِ العهد؛ فقد ذكره في قوله: {عَهْدَ اللَّهِ} والهاء التي في آخِره يجوز أنْ تعودَ إلى العهد؛ أي: بعد توثيق ذلك العهد، ويجوز أنْ تعودَ إلى اللَّه؛ فقد ذُكر قَبْله، ومعناه: بعد توثيقِ اللَّه تعالى ذلك العهد.
وقوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} هذه مِن صفات الفاسقين الذين سَبق ذِكْرهم؛ أي: هم المضيِّعون حقَّ اللَّه تعالى وحقَّ خلقه؛ فتضييعُ حقِّ اللَّه بنقضِ عهده، وتضييعُ حقِّ خَلْقه (٢) بقطيعة أرحامهم.
والقَطْع في اللغة: الإبانةُ، والقطيعةُ: الهجرانُ، وقَطاعُ الطيور: خروجُها مِن بلاد البرد إلى بلاد الحرِّ، وقُطوعُ النهرِ والوادي: عبورُهمَا.
والأمرُ بالشيءِ: الدُّعاءُ إلى تحصيله، والائتمارُ: الامتثالُ بالأمر.
والوَصْلُ: نقيضُ الفَصْل، والوَصْلُ ضدُّ الهجران، والوُصْلةُ: ما يقع به الوَصل.
(١) في (ف): "شرف والوثيق" وفي (ر): "سرق والوثيق".
(٢) في (ف): "فيضيع حق اللَّه. . . ويضيع حق خلقه". وسقطت هذه الجملة من (ر).