(١٢) - {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}.
{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وخلفٌ (١) بضمِّ التَّاءِ، والباقون بفَتْحِها خِطابًا للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).
و {بَلْ}: لِنَفْيِ ما مضى وإثباتِ ما بعدَه؛ أي: ليست لهم (٣) هذه الجُرْأةُ على أنَّهم يتوهَّمون أنَّهم يفوتونني، لكنْ ألِفوا شِرْكَهم، وقلَّدوا أسلافَهم، وأعرَضوا عن التَّدبُّرِ، فهم لذلك على جهلٍ، وأنت يا محمَّدُ تعجَبُ منهم وهم يَسْخَرون منك إذْ تدْعوهم إلى الإيمانِ باللَّهِ وبالرُّسلِ والبعثِ بعدَ الموتِ.
وقراءةُ الضَّمِّ إخبارٌ مِن اللَّهِ تعالى عن نفْسِه، وهو مَجازٌ عن الإنكارِ والكراهيةِ، ولا تجوزُ حقيقتُه على اللَّهِ تعالى، فإنَّه لظُهورِ ما لمْ يكنْ في الوهْمِ، لكنْ مَن ظهَرَ له ذلك -وهو قبيحٌ في نفْسِه- كرِهَه وأنكرَه، فأُريدَ به ذلكَ هاهنا.
وقال قُطْرُبٌ: أي: كبُرَ عندي وعظُمَ، فإنَّ الواحدَ منَّا إنَّما يعجَبُ مِن الشَّيءِ إذا كبُرَ عنده وعظُمَ.
* * *
(١٣) - {وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَإِذَا ذُكِّرُوا}: أي: وإذا وُعِظوا {لَا يَذْكُرُونَ}؛ أي: لا يتَّعِظون.
وقيل: إذا ذُكِّروا أنَّهم خُلِقوا مِنْ طينٍ لازبٍ.
وقيل: أي: ذُكِّروا ما أحلَّ اللَّهُ بالمكذِّبين الماضين.
(١) "وخلف" من (ر).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٤٧)، و"التيسير" (ص: ١٨٦)، و"النشر" لابن الجزري (٢/ ٣٥٦).
(٣) في (ر) و (ف): "بهم".