{بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ}: أي: ليس بشاعرٍ ولا مجنونٍ، بل هو رسولٌ جاءَ بما يجبُ في (١) العقولِ السَّليمةِ.
{وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}: أي: وحقَّقَ بشاراتِ الأنبياءِ الماضين به، ووافقَ دينَهم وما جاؤوا به مِن توحيدِ اللَّهِ وطاعتِه.
* * *
(٣٨ - ٤٠) - {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}.
قولُه تعالى: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ}: أي: إنَّكم يا أهلَ عصرِ النَّبيِّ المكذِّبين به (٢) لصيرون إلى النارِ، فتذوقون عذابَها الوَجيعَ.
{وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: مِن الكفرِ والمعاصي.
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}: مَن قرأَ بفتحِ اللَّامِ فهمُ الَّذين صفَّاهمُ اللَّهُ تعالى عنِ الشِّركِ والمعاصي، ومَن قرأَ بكسرِها فهم الَّذينَ أخلَصوا العبادةَ للَّهِ، فلمْ يُشركوا به ولمْ يَعصوه (٣)، وهذا استثناءُ مَن يؤمنُ منهم بعدَ هذا.
وقيل: هو استثناءٌ منقطعٌ بمعنى (لكن)؛ أي: هؤلاءِ المكذِّبون بالنَّارِ يُعذَّبون، لكنَّ المؤمنين بالجنَّةِ يُنعَّمون.
* * *
(١) في (ر): "على".
(٢) في (أ): "له".
(٣) قرأ عاصم وحمزة والكسائي ونافع بفتح اللام من {الْمُخْلَصِينَ}، وكسرها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٤٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٨).