{قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}: أي: أقسمُ باللَّهِ لقد كنتَ قاربْتَ أنْ تُهلِكَني بإضلالكَ.
ووجهٌ آخرُ: ما أردتَ إلَّا أنْ تُهلِكَني.
* * *
(٥٧ - ٥٩) - {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}.
{وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي}: أي: إنعامُه عليَّ بالتَّثبُّتِ على الحقِّ، والعصمةِ عن قبولِ قولِكَ.
{لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}: النَّارَ معكَ، وهو كلمةُ شكرٍ؛ كقولِهم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} الآيةَ الأعراف: ٤٣.
{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}: قيل: معناه: أنَّه يقولُ في الجنَّةِ لأصحابِه: أوَ قد أمِنَّا الموتَ بعدَ أنْ أحيانا اللَّهُ مِن الموتةِ الأولى الَّتي كانتْ في الدُّنيا، انتقَلْنا منها إلى دارِ الجزاءِ، وقولُه: {إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى}؛ أي: سوى الموتةِ الأولى {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}؛ أي: وقد أمِنَّا العذابَ مع تقصيرِنا، فالحمدُ للَّهِ على هذا، وهو (١) كقولِه عندَ التَّعجُّبِ: أوَ كلُّ هذا النَّعيمِ (٢) لنا؟! لا يكونُ إنكارًا، بل يكونُ تعجُّبًا وشكرًا.
وقيل: يكونُ هذا توبيخًا لقرينِه، وكان في الدُّنيا إذا توعَّدَه قال: وما نحن
= وذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٤٥)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤١) عن ابن عباس رضي اللَّه عنه، وهو مروي عن قتادة، كما في "تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣٢١٦).
(١) في (أ) و (ر): "وهي".
(٢) في (ر) و (ف): "هذه النعم".