وقيلَ: معنى قولِه: {إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً}؛ أي: عذابًا؛ كما قال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} الذاريات: ١٣؛ أي: يُعذَّبون، يقولُ: يعذَّبُ الكُفَّارُ بهذا في النَّارِ.
* * *
(٦٤) - {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}.
وقولُه تعالى: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}: أي: تنبُتُ في أرضِ (١) جهنَّمَ، وهو جوابُ قولِهم: كيف تبقى الشَّجرةُ في النَّار؟!
يقولُ: إذا كانَ أصلُها مِن النَّارِ تبقى في النَّار وإنْ لمْ يبقَ فيها سائرُ الأشجارِ؛ كالسَّمَكِ لَمَّا كانَ أصلُه مِنَ الماءِ يبقى في الماءِ، وإنْ كان لا يبقى سائرُ الحيواناتِ في الماءِ (٢).
* * *
(٦٥) - {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}.
وقولُه تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}: وهو جوابُ قولِهمْ: الزَّقُّومُ هو التَّمرُ والزُّبْدُ.
يقولُ: ليس كذلك، بل هي شجرةٌ ثمرُها في القُبْحِ كرؤوسِ الشَّياطينِ، والشَّيطانُ وإنْ لمْ يرَهُ النَّاسُ فقد علِموا أنَّه في نهايةِ القُبْحِ.
وقيلَ: "الشَّياطينُ" الحيَّاتُ هاهنا، ورؤوسُ الحيَّاتِ مُستكرَهةٌ مُستقبَحةٌ.
= وأصحابه، كما روى الإمام أحمد في "المسند" (٣٥٤٦)، والنسائي في "الكبرى" (١١٤٢٠)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٧٢٠)، والبيهقي في "كتاب البعث والنشور" (٥٤٦)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(١) في (ف): "أصل".
(٢) في (ر): "كما أن سائر حيوانات الماء تبقى في الماء"، بدل: "وإنْ كان لا يبقى سائرُ الحيواناتِ في الماء".