{سَيَهْدِينِ}: أي: إلى الصَّوابِ فيما نويتُه (١)، فيُبَلِّغُني إلى حيثُ أصِلُ فيه إلى ما أريدُ.
قيل: خرَجَ إلى بيتِ المقدسِ، وخرجَ أوَّلًا إلى حرَّانَ، فأقامَ بها مُدَّةً.
وظاهرُه يحتمِلُ وجهين:
أحدُهما: أنَّه يكونُ قصَدَ موضِعًا بعينِه، وأرادَ بقولِه: {سَيَهْدِينِ}؛ أي: سيُرشِدُني إلى مقصدي.
ويحتملُ أنَّه قصَدَ المهاجَرةَ ولمْ يُعيِّنْ موضِعًا، وأراد بقولِه: {سَيَهْدِينِ}؛ أي: يثيبني ويختارُ (٢) لي موضِعًا هو أهدى لي ويُبَلِّغُني إليه.
وقيلَ: قالَ ذلكَ حينَ رُمِيَ به في النَّارِ، فقالَ: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي}؛ أي: وطَّنْتُ نفْسي على موتي ولقاءِ ربِّي، {سيهديني}: أي: يُثبِّتُني (٣) على صبْري.
* * *
(١٠٠ - ١٠١) - {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}.
وقولُه تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}: سألَ اللَّهَ أنْ يرزُقَه ولدًا صالحًا يستأنِسُ به في غُرْبتِه وينفرِجُ به عن كربتِه، وتقديرُه: هبْ لي صالحًا مِنَ الصَّالحين؛ أي: ولدًا صالحًا يصلُحُ لِمَا صلَحَ له (٤)، فيصبِرُ على البلاءِ كصبرِه، ويقومُ في الذَّبِّ عن دينِ اللَّهِ كقيامِه، فاستجابَ اللَّهُ له، فوهَبَ له ولدًا كذلك:
(١) في (ر): "آتيه".
(٢) "أي: يثيبني ويختار" من (ر)، وفي (أ) و (ف) بدلا منها: "سيختار".
(٣) في (أ) و (ر): "يثيبني".
(٤) في (أ): "يصلح لما صلح"، وفي (ر): "يصلح لما يصلح عليه له".