لهذا السبب تقرُّبًا به إلى اللَّه: ما حُجَّتهم من العقل أو السمع؟ أفي مُقتضى العقل أنْ يكون للَّه البناتُ وللمشركين البنون، فيكونَ لكم أفضلُ نوعَيِ الأولاد وللَّه أَدْوَنُهما؟!
وهو كقوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} النجم: ٢١ - ٢٢؛ أي: جائرة.
* * *
(١٥٠ - ١٥٢) - {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
وقولُه تعالى: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ}: أي: أيدَّعون أنهم شهدوا خَلْقَنا الملائكةَ؛ أي: حضروه فرأوا أنا خلَقْناهم (١) إناثًا؟!
وهو كقوله: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}، وهذا لا يمكنهم أنْ يدَّعوه، وإذا بطَلَ هذا بالعقل ولا مشاهدةَ ثبَتَ كذبُهم، وذلك قولُه:
{أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}: والإِفْكُ: الكلام المصروف عن الحق إلى الباطل.
* * *
(١٥٣ - ١٥٦) - {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ}.
وقولُه تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}: دخل ألفُ الاستفهام على ألف "الافتعال"، وهو استفهام بمعنى الإنكار، يعني: أتقولون أنَّه اختار البنات على البنين مع نُقْصانهن رضًا بالأخسِّ، فما حُجَّتكم على ذلك؟
(١) في (ر): "أي حضروا فرأوا أنا خلقنا الملائكة"، وليس من (ف).