{لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}: أي: يطلب الفَضْل لنفْسِه ويظلم.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: فإنهم لا يَبْغون.
{وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}: {مَا} زائدةٌ مؤكِّدةٌ؛ أي: هم قليل.
{وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}: أي: علِمَ داود بالدليل أنَّا امتحَنَّاه فلمْ يصبِرْ على المِحْنَة حتى صار إلى خِلاف ما هو به أولى.
وقرأ أبو عمرو في رواية العبَّاس: (فَتَنَاهُ) بالتخفيف (١)، على أنَّ الخَصمَين فتَنَاهُ؛ أي: أظهرا له ما خَفِيَ عليه.
{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ}: زلَّته {وَخَرَّ رَاكِعًا}؛ أي: سقَطَ على وجهه للَّه {وَأَنَابَ}: أي: رجع إلى اللَّه ممَّا وقَعَ فيه.
* * *
(٢٥) - {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}.
{فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ}: أي: زلَّته {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى}؛ أي: القُرْبة في المنزلة يوم القيامة.
{وَحُسْنَ مَآبٍ}: أي: مَرْجِعٍ، وهو الجنة.
والدليلُ على أنَّ الركوع سجودٌ هاهنا أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سجَدَ لها وقال: "سجدَها داود توبةً، ونحن نسجُدُها شُكْرًا" (٢).
وهذه قصة زلَّ فيها كثير مِن الناس، وقالوا في نبي اللَّه داود عليه السلام ما
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٥٥٣)، و"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٣٠)، و"الكامل في القراءات" للهذلي (ص: ٦٢٨).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" (٤٨٠٧)، والنسائي في "الكبرى" (١٠٣١) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنه، واللفظ له.