الاستدلالِ بها على وحدانيَّة اللَّه تعالى قال اللَّه تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فصلت: ٥٣ فالبناءُ دليلٌ على الباني، والخطُّ دليلٌ على الكاتب، والصياغةُ على الصائغ، والمصنوعُ على الصانع.
وأمَّا أهلُ الحقيقة فقد قالوا فيه أقاويل:
قال بعضهم: معناه: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} لتتقوَّوا به على طاعته، لا لتَصرِفوه في وجوه معصيته.
وقيل: {خَلَقَ لَكُمْ} ذلك لتَعدُّوا نعمة اللَّه (١) عليكم، فتَقْتَضُوا الشكرَ مِن أنفسكم، طلبًا للمزيد على ما لديكم.
وقال ابنُ عطاء: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} ليكون الكونُ كلُّه لك، وتكون أنتَ بكلِّيَّتك للَّه تعالى، فلا تشتغلَ بما لَكَ عمَّن أنتَ له (٢).
وقال الإمام القشيريُّ: سخَّر لكم جميعَ المخلوقات على معنى حصولِ الانتفاع بكلِّ شيءٍ منها، فعلى الأرض تستقرُّون، وتحت السماء تَستكنون، وبكلِّ مخلوقٍ بوجهٍ آخَر تنتفعون، بل ما مِن عينٍ ولا أَثر فكَّرتم فيه إلَّا وكمالُ قدرته وظهورُ ربوبيته به تَعرفون (٣).
واختلف أهلُ الأصول في الأفعال والأعيان، قبل ورود (٤) السمع أنَّها على الحَظْر أو على الإباحة أو الوقف، وكلُّ ذلك في حقِّ مَن يصحُّ تكليفه مِن البشر دون
(١) في (أ) و (ف): "لتعدوا نعمه".
(٢) انظر: "تفسير السلمي" (١/ ٥٣).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٧٤).
(٤) في (ف): "فقيل ورد"، وفي (ر): "وقد ورد".